محمد عبد الوهاب

  • 2021-01-14

محمد عبد الوهاب (13 مارس 1901 - 4 مايو 1991)، موسيقار مصري وأحد أعلام الموسيقى العربية، لقّب بموسيقار الأجيال، وارتبط اسمه بالأناشيد الوطنية. ولد في حارة برجوان بحي باب الشعرية بالقاهرة ، عمل كملحّن ومؤلف موسيقى وكممثل سينمائي. بدأ حياته الفنية مطرباً بفرقة فوزي الجزايرلي عام 1917 م. في عام 1920 م قام بدراسة العود في معهد الموسيقى العربية. بدأ العمل في الإذاعة عام 1934 م وفي السينما عام 1933. ارتبط بأمير الشعراء أحمد شوقي ولحن أغان عديدة لأمير الشعراء، غنى معظمها بصوته ولحن كليوباترا والجندول من شعر علي محمود طه وغيرها. لحن للعديد من المغنيين في مصر والبلاد العربية منهم فيروز وأم كلثوم وليلى مراد وعبد الحليم حافظ ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد ووردة الجزائرية وصباح وطلال مداح وأسمهان، إلى جانب أنه كان أول مكتشف للفنان إيهاب توفيق في أواخر الثمانينات. 

ميلاده
ولد محمد عبد الوهاب في 13 مارس 1901م، في حي باب الشعرية، وكان أبوه هو الشيخ محمد أبو عيسى المؤذن والقارئ في جامع سيدي الشعراني بباب الشعرية وأمه فاطمة حجازي التي أنجبت ثلاثة أولاد منهم محمد وبنتين.
نشأته
تمثال محمد عبد الوهاب في دار الأوبرا، القاهرة، مصر

أُلحق محمد عبد الوهاب بكتّاب جامع سيدى الشعرانى بناءً على رغبة والده الذي أراده أن يلتحق بالأزهر ليخلفه بعد ذلك في وظيفته وحفظ عدة أجزاء من القرآن قبل أن يهمل تعليمه ويتعلق بالطرب والغناء، حيث شغف بالاستماع إلى شيوخ الغناء في ذلك العصر مثل الشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي وصالح عبد الحي، وكان يذهب إلى أماكن الموالد والأفراح التي يغنى فيها هؤلاء الشيوخ للاستماع لغنائهم وحفظه، ولم ترض الأسرة عن هذه الأفعال فكانت تعاقبه على ذلك، وبعدها قابل محمد عبد الوهاب الأستاذ فوزي الجزايرلي صاحب فرقة مسرحية بالحسين والذي وافق على عمله كمطرب يغني بين فصول المسرحيات التي تقدمها فرقته مقابل خمسة قروش كل ليلة، وغنى محمد عبد الوهاب أغاني الشيخ سلامة حجازي متخفياً تحت اسم "محمد البغدادي" حتى لا تعثر عليه أسرته إلا أن أسرته نجحت في العثور عليه وازدادت إصراراً على عودته لدراسته فما كان منه إلا أن هرب مع فرقة سيرك إلى دمنهور حتى يستطيع الغناء، وطُرد من فرقة السيرك بعد ذلك ببضعة أيام لرفضه القيام بأي عمل سوى الغناء فعاد إلى أسرته بعد توسط الأصدقاء له، ووافقت أسرته أخيراً على غناءه مع أحد الفرق وهي فرقة الأستاذ عبد الرحمن رشدي (المحامي) على مسرح برنتانيا مقابل 3 جنيهات في الشهر، وكان يغنى نفس الأغاني للشيخ سلامة حجازي، وحدث أن حضر أحمد شوقي أحد عروض الفرقة وبمجرد سماعه لعبد الوهاب قام متوجهاً إلى حكمدار القاهرة الإنجليزى آنذاك ليطالبه بمنع محمد عبد الوهاب من الغناء بسبب صغر سنه، ونظراً لعدم وجود قانون يمنع الغناء أًخذ تعهد على الفرقة بعدم عمل عبد الوهاب معهم.

التحق عبد الوهاب بعد ذلك بنادي الموسيقى الشرقي والمعروف بمعهد الموسيقى العربية حالياً، حيث تعلم العزف على العود على يد محمد القصبجي، وتعلم فن الموشحات، وعمل في نفس الوقت كمدرس للأناشيد بمدرسة الخازندار، ثم ترك كل ذلك للعمل بفرقة علي الكسار كمُنشد في الكورال وبعدها فرقة الريحاني عام 1921، وقام معها بجولة في بلاد الشام وسرعان ما تركها ليكمل دراسة الموسيقي ويشارك في الحفلات الغنائية، وأثناء ذلك قابل سيد درويش الذي أُعجب بصوته وعرض عليه العمل مقابل 15 جنيه في الشهر في فرقته الغنائية، وعمل في روايتي البروكة وشهرزاد، وبالرغم من فشل فرقة سيد درويش إلا أن عبد الوهاب لم يفارق سيد درويش بل ظل ملازماً له يستمع لغنائه ويردد ألحانه حتى وفاة سيد درويش.
محمد عبد الوهاب وأحمد شوقي
محمد عبد الوهاب في شبابه مع أحمد شوقي

في عام 1924 أُقيم حفل بأحد كازينوهات الإسكندرية أحياه محمد عبد الوهاب وحضره رجال الدولة والعديد من المشاهير، منهم أحمد شوقي الذي طلب لقاء عبد الوهاب بعد انتهاء الحفل، ولم ينس عبد الوهاب مافعله به أحمد شوقي بمنعه من الغناء وهو صغير وذكّر أحمد شوقي بذلك الذي أكد له أنه فعل ذلك خوفاً على صحته وهو طفل، ومنذ تلك المقابلة تبناه أحمد شوقي. وتعتبر السبع سنوات التي قضاها عبد الوهاب مع أحمد شوقي من أهم مراحل حياته، حيث اعتبر أحمد شوقي مثله الأعلى، فكان أحمد شوقي يتدخل في تفاصيل حياة عبد الوهاب وعلمه طريقة الكلام وكيفية الأكل والشراب، وأحضر له مدرس لتعليمه اللغة الفرنسية لغة الطبقات الراقية. بدأ نجم محمد عبد الوهاب يبزغ على إثر تقديم أحمد شوقي له في الحفلات، فقدمه إلى رجال الصحافة مثل طه حسين وعباس محمود العقاد والمازنى، وكذلك رجال السياسة مثل أحمد ماهر باشا وسعد زغلول ومحمود فهمي النقراشي إلا أن ذلك لم يمنع الآخرين من مهاجمته وخاصة من المطربين الذين تخوفوا من شهرته مثل منيرة المهدية التي طردته من أوبريت كليوباترا ومارك انطوان وكذلك هاجمه العقاد والمازني (كان العقاد والمازنى قد أصدرا كتاب الديوان هاجما فيه أحمد شوقي). يمكن القول أن العلاقة بين عبد الوهاب وأحمد شوقي علاقة وثيقة ذكرها عبد الوهاب كثيراً في أحاديثه وكان دائما يعترف بفضل أحمد شوقي عليه، ولحن له العديد من القصائد مثل: دمشق، النيل نجاشى، مضناك جفاه مرقده.
موقع عبد الوهاب في الموسيقى العربية
رغم أن محمد عبد الوهاب قدم العديد من الألحان الموسيقية ذات الطابع العربي الأصيل، مثل دعاء الشرق، وليالي الشرق، وعندما يأتي المساء، إلاّ أنه اتهم دائماً بأنه يقوم "بتغريب" الموسيقى العربية، وعلى الرغم من أن عبد الوهاب قدم العديد من الإيقاعات الغربية إلى الموسيقى، لكنه قدّم ذلك في إطار الأشكال المعروفة في الأغنية العربية، طقطوقة، ومونولوج غنائي، والقصيدة. مثلاً قدّم إيقاع الفالس في قصيدة الجندول عام 1941، كما قدّم إيقاع الروك أند رول في أغنية (طقطوقة) يا قلبي يا خالي التي غناها عبد الحليم حافظ عام 1957، في السبعينيات طلب الرئيس السادات من الموسيقار محمد عبد الوهاب طلب رئاسى جديد، وقد اختاره بالذات كونه مهتم ببعض الرموز الوطنية والسياسية سواء من أدوات أو أفراد، وقتها كان قد غير اسم الدولة، وغير شكل العلم، ووضع دستور جديد يحمل الشعارات الجديدة، ولكن في نظره بقى شيء هام هو النشيد الوطني، كان اسم الدولة الجمهورية العربية المتحدة منذ قيام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 وحتى عام 1970 عند وفاة عبد الناصر، وكان علمها يتوسطه نجمتان ترمزان للدولتين الداخلتين في الوحدة، وكان النشيد القومي قد وضع لحنه الموسيقار كمال الطويل أيام حرب 1956 في نشيد لحنه لأم كلثوم بعنوان والله زمان يا سلاحى واختاره جمال عبد الناصر ليحل محل السلام الملكي الذي وضعه الموسيقار الإيطالي فيردى، ورأى السادات في حركته لتغيير الرموز ضرورة انتقاء لحن جديد للسلام الوطني يساير التغيرات في الرموز الأخرى، وهو قد أعاد اسم مصر إلى اسم الدولة بعد حذفه لقرابة 12 عاما، وكان الطلاب في المدارس يهتفون في طابور الصباح تحيا الجمهورية العربية المتحدة بينما لم يكن هناك شيء بهذا الاسم لعشر سنوات منذ انفصال سوريا، فأصبح الاسم الجديد جمهورية مصر العربية، وأعاد شعار النسر المصري إلى العلم مكان النجمتين تمشيا مع الواقع، وهكذا طلب من محمد عبد الوهاب وضع نشيد وطني لمصر، وفرح عبد الوهاب بهذا التكليف خاصة وان السادات منحه وقتها رتبة عسكرية فخرية هي رتبة لواء إلا أنه طلبه لوضع اللحن كان مشروطا وبشرط قاس، فقد طلب من عبد الوهاب عدم وضع نشيد جديد وابداع لحن جديد وإنما فقط إعادة صياغة نشيد مصر الأول بلادي بلادي لسيد درويش والذي عاد وحده تلقائيا بين الجماهير في تلك الأيام بعد النكسة وردده الناس بحماس في كل مكان، لم يتكدر عبد الوهاب طويلا كون واضع اللحن إحدى معلميه الأوائل في بداية حياته وانطلاقا من مبدأ الوفاء للوطن ثم المعلم لم يجد أي غضاضه في ذلك واندمج في إخراج نشيد استاذه سيد درويش في أبهى صورة يذكر ان السادات وضع تحت إمرة عبد الوهاب فرقة الموسيقات العسكرية المصرية الحائزة على المركز الأول بين الفرق العسكرية العالمية لعدة سنوات على التوالى، وبها أمهر الخبرات ولها كل الإمكانيات بدءا من الآلات حتى الملابس، ويتفرغ عبد الوهاب للمهمة في تواضع شديد واعتراف جميل بفضل موسيقار مصر الأول ونابغتها سيد درويش عليه وعلى البلاد، والذي استطاع توحيد أبناء أمته في نشيد رمزى من كلماته واعاد توزيعه بعد نصف قرن من رحيله، ويقود محمد عبد الوهاب الموسيقى العسكرية وهو في زيه العسكري لتعزف نشيد بلادى لأول مرة في تاريخها ويتحول من نشيد شعبي إلى نشيد رسمي، وتطير نوتته الموسيقية إلى السفارات المصرية في جميع أنحاء العالم وتودع نسخ منها بجميع السفارات الأجنبية بالقاهرة، ليعزف في جميع المناسبات الوطنية والدولية

مشاركة :
طباعة

أُترك تعليقك